للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل إن الجَنات سَبْع، وقيل أرْبَع لقوله (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)

وقوله بعد ذلك (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢).

وقيل عرضها ولم يذكر طولها - واللَّه أعلم - وإنما ذِكْرُ عَرْضِها هَهنا تمثيل للعِبَادِ بِمَا يَفْعَلونَه ويقَعُ فِي نفوسِهم، وأكبر ما يقع في نفوسهم مقدار السَّمَاوَاتِ والأرضِ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ).

وهذا دليل أنه لا يدخل أحَدٌ الجنَّةَ إِلًا بفضل اللَّه.

ثم أعلمهم أن ذلك المؤَدِّي إلى الجنَّةِ أو النَّارِ لَا يكون إلا بقضاء وَقَدَرٍ

فقال عزَّ وجلَّ:

(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢)

أي مِنْ قَبل أن نَخْلقَهَا، فما وقع في الأرض من جَدْبٍ أوْ نَقْصٍ وكذلك

ما وقع في النفوس من مرضٍ وموتٍ أو خسْرانٍ في تجارةٍ أو كسبِ خيرٍ أو شَرٍّ

فمكتوبٌ عند اللَّه معلومٌ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)

فمن قرأ " أتاكُمْ " فمعناه جاءكم، ومن قَرأ (آتَاكمْ) فمعْنَاه أعْطَاكم

ومعنى " تفرحوا " ههنا لا تفرحوا فَرَحاً شديداً تأشروا فيه وتبطروا ودليل ذلك: (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

فدل بهذا أنه ذم الفرح الذي يختال فيه صاحبه ويبطر له، فأمَّا الفرح

بنعمة اللَّه والشكر عليها فغير مذمومِ.

وكذلك (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ).

أي لا تحزنوا حزناً يطغيكم حتى يخرجكم إلى أن تلزِموا أنْفسِكُم الهَلَكَةَ

ولا تعتدوا بثواب - اللَّه ما تسلبونَه وَمَا فاتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>