فمعنى الحرج الضيق. وفيه وجهان، أحدهما أن يكون لاَ يَضِق صدْرُكَ
بالإبلاغ ولا تخافن، لأنه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: رب إِني أخاف أن يثلغوا رأسي فيجعلوه كالخبزةِ، فأعلم الله عزَّ وجلَّ أنَّه في أمان منهم، فقال:(وَاللَّهُ يَعصِمُك مِنَ النَّاسِ)، وقال:(فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ).
أي فلا - يَضِيقَنَ صَدْرُكَ من تَأدِيَةِ مَا أرْسِلْتَ بِهِ.
وقيل أيضا: فلا تَشُكَن فيه.
وكلا التفسيرين له وجه، فَأما تأويل فلا تَشُكَنَّ، وتأويل (فَلَا تَكونَنََّ مِنَ
المُمْتِرِين)، وتأويل:(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ) فإِن ما خوطب به - صلى الله عليه وسلم - فهو خطاب لأمتِهِ، فكأنه بمنزله " فلا تشكوا ولا ترتابوا ".
وقوله:(لِتنْذِرَ بهِ).
معناه التقديم، والمعنى واللَّه أعلم - كتاب أنزل إِليك لتنذر به وذكرى
للمؤمنين، فلا يكن في صدرك حرج منه.
(وَذِكرَى) يصلح أن يكون في موضع رفع ونصب وَجَرٍّ فأمَّا النصب فعلى
قولك: أنْزِلَ لِتنْذِرَ به وذكرى للمؤمنين، أي ولتذكر به ذكرى، لأن في الإِنذارِ مَعنى التذكير.