وقوله: (وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا).
كان يأخذ كل سفينة لا عَيْبَ فيها غَصْباً، فإن كانت عائبة لم يعرض
لها. ووَرَاءَهُم: خلفهم، هذا الأجود الوجهين.
ويجوز أن يكون: كان رجوعهم في طريقهم عليه ولم يكونوا يعلمون بخبره فأعلمَ اللَّهُ الخَضِر خَبَرهُ.
وقيل: (كانَ وَرَاءَهُمْ) معناه كان قدَّامَهُمْ.
وهذا جاء في العربية، لأنه ما بين يَدَيْكَ
وَمَا قدَّامَك إذا توارَى عنك فقد صار وراءك.
قال الشاعر:
أَليسَ وَرائي إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي. . . لزُومُ العَصا تُثْنى عليها الأَصابِعُ
* * *
وقوله: (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (٨٠)
(يُرْهِقَهُمَا) يحملهما على الرهق وهو الجهل.
وقوله (فخشينا) من كلام الخَضِرِ، وقال قوم لا يجوز أن يكون فخشينا عن اللَّه، وقالوا دليلنا على أن فخشينا من كلام الخضِر قوله (فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا) وهذا جائز أن يكونَ عن اللَّه عزَّ وجلَّ: (فخشينا) لأن الخشية من اللَّه عزَّ وجلَّ معناه الكَرَاهَةُ، ومعناها من الآدميين الخَوْفُ.
وقوله: (فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١)
(فَأرَدْنَا).
بمعنى أراد اللَّه - جلَّ وعزَّ - لأن لفظ الإخْبَارِ عن اللَّه كذا أكْثَرُ من أن
يحصى.
ومعنى:. (وَأقْرَبَ رُحْماً).
أي أقرب عَطْفاً وأمَسُّ بِالقَرابَةِ، والرُّحْمُ والرَّحْمُ في اللغةِ العطف
والرحمةُ
قال الشاعر: