صلاة نفسه وتسبيحَهَا، ويجوز أن يكون كل إنسان قَدْ عَلِمَ صلاة الله، وكل
شيء قد علم تسبيح اللَّه.
والأجود أن يكون كل قد علم اللَّه صلاته وتسبيحه.
ودليل ذلك قوله - (واللَّهُ عَليم بِمَا يَفْعَلُونَ).
* * *
وقوله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (٤٣)
معنى: (يُزْجِي) يَسُوقُ، (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) أي يجعل القطع المُتَفَرِّقَةَ مِنَ
السحَابِ قطعةً وَاحِدةً (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا)، أي يجعل بَعْضَ السحاب يركب
بعضاً.
(فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِه).
الودْقُ المطرُ، ويقرأ من خَلَلِه، وخِلَالِه أَعم وأجوَدُ في القراءة، وخِلَال
جمع خَلَلٍ وخِلَال، مثل جَبَل وجِبَالٍ، ويجوز أن يكون السحاب جمع
سحابة ويكون " بينَه " أي بينَ جميعه، ويجوز أن يكون السحاب وَاحِداً إلا أنه
قال بينه لكثرته، ولا يجوز أن تقول جلست بين زَيْدٍ حتى تقول وعَمْرٍو.
وتقول ما زلت أدور بين الكوفة، لأن الكوفة اسم يتضمَّن أَمْكِنَةً كثيرة، فكأنك تقول ما زلت أدور بين طرق الكوفة.
وقوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ).
ويجوز وُينْزِل بالتخفيف، ومعنى (مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ)
مِن جِبَالِ بَرَدٍ فيها كما تقول هذا خاتم في يدي مِنْ حَدِيد.
المعنى هذا خاتَم حَديدٍ في يَدِي.
ويجوز - واللَّه أعلم - أن يكون معنى " مِن جِبَال " مِنْ مِقْدار
جِبَال مِنْ بَرَدٍ كما تقول عِنْدَ فُلَانٍ جِبَالُ مَال تريد مقدار جبال مِنْ كَثْرَتِه.
قوله: (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ).