وقال البَصْريون: معناه أنزلناه، كراهةَ أن تقولوا، ولا يُجِيزون إضمار
" لا " لَا يقولون جئتُ أنْ أكْرِمَك، أي لئلا أكرمَك، ولكن يجوز فعلت ذلك أن أكرمَك، على إضمار محبة أن أكرمك، وكراهة أن أكرمكَ، وتكون الحال تنبئ عن الضمير.
فالمعنى: أنزل الكتاب كراهة أن يقولوا: - إِنما أنزلت
الكتُب على أصحاب موسى وعيسى.
(وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ).
المعنى: وما كنا إلا غافلين عن تلاوة كتبهم.
* * *
(أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧)
(أَوْ تَقُولُوا) المعنى أو كراهة أنْ تَقُولُوا.
(لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ).
وإنما كانوا يقولون (لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ) لأنهم كانوا مُدِلِّين بالأذهان
وحُسْنِ الأفْهَام، وذلك أنهم يحفظون أشعارهم وأخبارهم وآثارهم، وهم
أُمِّيونَ لا يَكْتُبونَ.
وقوله: (فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ).
أي فقد جاءَكم ما فيه البيان وقطعُ الشُّبُهَاتِ عَنْكُمْ.
* * *
وقوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨)
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ).
أي إلا أنْ تَأتِيهم ملائكةُ الموْتِ.
(أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ).
أو يأتي إهْلاَكُ رَبِّك إيَّاهم وانْتِقامُهُ مِنْهُم، إمَّا بعذَاب عاجل أو بالقيامة.
وهذا كقولنا: قَدْ نَزَلَ فُلان ببَلَد كَذا وكَذَا، وقد أتَاهُمْ فُلانٌ أي قَدْ أوْقَع بِهِمْ.
وقوله: (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ).