ذم المنازل بعد منزلة اللوى. . . والعَيْش بعد أولئك الأيَّامِ
وقوله: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧)
ويقرأ مَرِحًا - بكسر الراء -، وزعم الأخفَش أن مَرَحاً أجْودُ من مَرِحاً.
لأن مَرِحاً اسمُ الفَاعِل. وهذا - أعني المصدر - جيَدٌ بالغ، وكلاهما في الجودة سواء، غير أنَّ المصدرَ أوْكد في الاستعمال تقول: جاء زيد رَكْضاً، وجاء زيدٌ راكضاً، فركْضاً أوْكَدُ في الاسْتِعْمَال لأن ركضاً يدلُّ على توكيد الفِعْل.
وَمَرَحا - بفتح الراء أكثر في القِراءَةِ.
وتأويل الآيةِ: ولا تَمْشِ في الأرض مختالاً وَلَا فَخُوراً.
(إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا).
قالوا: معنى (تَخرِق الأرْضَ) تقطع الأرْضَ، وقيل تثقب الأرْضَ.
والتأويل أن قدرتك لا تبلغ هذا المبلغ، فيكون ذلك وصلة إلى الاختيال.
* * *
(كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)
سيئه في معنى خطيئةً، وكان أبو عمرو لا يقرأ (سَيِّئُهُ)، ويقرأ (سَيئَةً)، وهذا
غلط، لأن في الأقاصيص سيئاً وغير سَيئ وذلك أن فيها (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)
وفيها: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ).
و (وأَوْفوا بِالعَهْدِ)، (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، أي اقرَبُوه بالتِي هي أحْسَنُ.
ففيما جرى من الآيات سيئ وحسن، فسيئُهُ بلا تنوين أحْسَنُ من سيئةٍ