للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميع ما انتصب في هذا الباب فبإضمار أن كأنك قلت لا يكن منكم إلباس الحق وكِتْمَانه، كأنَّه قال وإن تكتموه، ودلَّ تلبسوا على لبس كما تقول: من كذب كانَ شَرًّا، ودل ما في صدر كلامك على الكذب فحذفْتَه.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)

فالألف ألف استفهام، ومعناه: التقرير والتوبيخ ههنا، كأنه قيل لهم:

أنتم على هذه الطريقة. ومعنى هذا الكلام - واللَّه أعلم - أنهم كانوا يأمرون أتباعهم بالتمسك بكتابهم ويتركون هم التمسك به، لأن جحْدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هو تركهم التمسك به - ويجوز واللَّه أعلم - أنهم كانوا يأمرون ببذْل الصدقةِ وكانوا يضنون بها، لأنهمَ وُصِفُوا بأنهم قست قلوبهم. وأكلوا الربَا والسُّحْتَ، وَكانوا

قد نهوا عن الربا. فمنع الصدقة داخل فِي هذا الباب.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)

إن قال قائل لم قيل لهم: استعينوا بالصبر وما الفائدة فيها فإن هذا

الخطاب أصله خطاب أهل الكتاب، وكانت لهم رئاسة عند أتباعهم فقيل لهم: استعينوا على ما يُذْهِبُ عنكم شهوَة الرياسة بالصلاة لأن الصلاة يتلى فيها ما يُرغب فيما عند اللَّه، ويزهد في جميع أمر الدنيا، ودليل ذلك قوله:

(إِنَّ الصَّلاةَ تنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمنكَرِ).

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِنهَا لَكَبِيرة إِلا عَلى الْخَاشِعِين).

المعنى: إِن الصلاة التي معها الإِيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كبيرة تكبر على الكفار وتعْظُمُ عليهم مع الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. والخاشع المتواضع المطيع المجيب لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>