العرب كانوا يعبدون نفراً من الجنِّ، فأسلم أولئك النفر من الجن ولم يعلم
بهم من كان يعبدهم، فقيل فادعوا هؤلاء فإنهم لا يملكون ضراً ولا نفعاً.
* * *
وقوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)
بالياء والتاء.
(أولئك) رفع بالابتداء، و (الذين) رفع صفة لهم، و (يَبْتغون) خبرُ
الابتداء، المعنى الجماعة الذين يدعون يبتغون إلى ربهِم الوسيلةَ، والوسيلة
والسُّؤَال، والسُّؤْلُ والطلَبةُ، في معنى واحد.
(أَيُّهُمْ أَقْرَبُ).
إن شئت " أَيُّهُمْ " كان رفعاً بالابتداء، والخبر (أَقْرَبُ)، ويكون المعنى
يطلبون إلى ربهم الوسيلة - ينظرون أيهم أقرب إليه فيتوسلون به.
فإن قال قائل: فالذي أنْكَرَ عَليهِمْ هو التوسلُ بغير عبادَةِ اللَّهِ إلى اللَّه، لأنهم قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، فالفرق بين المتوسلين إلى اللَّه
بمحبَّةِ أنبيائه وملائكته وصالحي عبادِه أنهم يتوسلون بهم مُوحِّدين اللَّهَ
عزَّ وجلَّ، لا يجعلون له شريكاً في العبادة، والكفار يتوَسلُونَ بعبادة غير اللَّه، فجعلوا الكفر وسيلَتَهُمْ.
ويجوز أن يكون (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) بدلاً من الواو في (يبتغون)
فالمعنى يبتغي أيهم هو أقرَبُ الوسيلة إلى اللَّهِ، أي يتقرب إليه بِالعَمَلِ الصالح.
(وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ).
أي الذين يزعمون أنهم آلِهة يرجون ويخافون.