للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يملكها إلا الله.

ثم وعد اللَّه نبيَّه عليه السلام النَصْرَ علَيْهم فقال:

(جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (١١)

(ما) لغوٌ، المعنى جند هُنَالِكَ مهزوم من الأحزاب.

* * *

(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (١٢)

جاءْ في التفسير أن فرعون كانت له حبال وأوتادٌ يُلْعَبُ له عَلَيْها (١).

* * *

(وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)

(مِنْ فَوَاقٍ)

وفُواق بضم الفاء وفتحها، أي ما لها من رجُوع، والفُواق ما بين حَلْبَتَي

الناقَةِ، وهو مشتق من الرجوع أيضاً لأنه يَعُودُ اللبَنُ إلى الضرْعِ بين الحلبتين، وأفاق من مرضه من هذا، أي رجع إلى الصحة.

فالفواق هو من هذا أيضاً (٢).

* * *

(وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)

(القِط) النصيب، وأصله الصحيفة يكتب للإنسان فيها شيء يصل إليه

قال الأعشى.

ولا المَلِكُ النُّعْمانُ يوم لَقِيتُه. . . بغِبْطَته يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ

يأْفِقُ يُفْضِلُ.

وهذا تفسير قولهم: (عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا) وهوكقولهم

(اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا) - الآية

وقيل إنهم لما سمعوا أن المؤمن يؤتى كتابه بيمينه والكاقر يؤتى كتابه بشماله، فيسعد المؤمن ويهلك الكافر، قالوا ربَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا.

واشتقاق القِط من قططت أي قطعتُ.

وكذلك النصيب إنَّمَا هو القطعة من الشيء.

* * *

(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧)

(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ)

ْذا القوة، وكانت قوته على العبادة أتم قوة، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

وذلك أَشَدُّ الصوْمِ، وكان يُصَلِّي نصفَ الليل.


(١) قال السَّمين:
قوله: {ذُو الأوتاد}: هذه استعارةٌ بليغةٌ: حيث شبَّه المُلْكَ ببيت الشَّعْر، وبيتُ الشَّعْرِ لا يَثبتُ إلاَّ بالأوتادِ والأطناب، كما قال الأفوه:
٣٨٥١ والبيتُ لا يُبْتَنى إلاَّ على عمدٍ. . . ولا عمادَ إذا لم تُرْسَ أوتادُ
فاسْتعير لثباتِ العزِّ والمُلْكِ واستقرار الأمر، كقول الأسود:
٣٨٥٢. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . في ظلِّ مُلْكٍ ثابتِ الأَوْتاد
/ والأَوْتادُ: جمعُ وَتِد. وفيه لغاتٌ: وَتِدٌ بفتح الواو وكسرِ التاءِ وهي الفصحى، ووَتَد بفتحتين، ووَدّ بإدغام التاء في الدال قال:
٣٨٥٣ تُخْرِجُ الوَدَّ إذا ما أَشْجَذَتْ. . . وتُوارِيْه إذا ما تَشْتَكِرْ
و «وَتَّ» بإبدالِ الدالِ تاءً ثم إدغام التاء فيها. وهذا شاذٌّ لأنَّ الأصلَ إبدالُ الأولِ للثاني لا العكسُ. وقد تقدَّم نحوٌ من هذا في آل عمران عند قولِه تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار} [آل عمران: ١٨٥]. ويُقال: وَتِدٌ واتِدٌ أي: قويٌّ ثابت، وهو مِثْلُ مجازِ قولهم: شُغْل شاغِلٌ. وأنشد الأصمعي:
٣٨٥٤ألاقَتْ على الماءِ جُذَيْلاً واتِداً. . . ولم يَكُنْ يُخْلِفُها المَواعدا
وقيل: الأوتادُ هنا حقيقةٌ لا استعارةٌ. ففي التفسير: أنه كان له أوتادٌ يَرْبط عليها الناسَ يُعَذِّبُهم بذلك. وتقدم الخلافُ في الأَيْكة في سورة الشعراء. اهـ (الدُّرُّ المصُون).
(٢) قال السَّمين:
قوله: {مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ}: يجوزُ أَنْ يكونَ «لها» رافعاً ل «مِنْ فَواق» بالفاعليةِ لاعتمادِه على النفي، وأَنْ يكونَ جملةً مِنْ مبتدأ وخبرٍ، وعلى التقديرَيْن فالجملةُ المنفيَّةُ في محلِّ نصبٍ صفةً ل «صَيْحةً» و «مِنْ» مزيدةٌ. وقرأ الأخَوان «فُواق» بضمِّ الفاءِ، والباقون بفتحها. فقيل: [هما] لغتان بمعنًى واحدٍ، وهما الزمانُ الذي بين حَلْبَتَيْ الحالبِ ورَضْعَتَيْ الراضِع، والمعنى: ما لها مِنْ تَوَقُّفٍ قَدْرَ فُواقِ ناقةٍ. وفي الحديث: «العِيادَةُ قَدْرَ فُواقِ ناقة» وهذا في المعنى كقوله تعالى: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً} [الأعراف: ٣٤]. وقال ابن عباس: ما لها مِنْ رجوعٍ. مِنْ أفاق المريضُ: إذا رَجَعَ إلى صحته. وإفاقةُ الناقةِ ساعةَ يَرْجِعُ اللبنُ إلى ضَرْعِها. يقال: أفاقَتِ الناقةُ تُفِيْقُ إفاقَةً رَجَعَتْ واجتمعَتْ الفِيْقَةُ في ضَرْعِها. والفِيْقَةُ: اللبنُ الذي يَجْتمع بين الحَلَبَتين ويُجْمع على أفْواق. وأمّا أفاوِيْقُ فجمعُ الجمع. ويُقال: ناقة مُفِيْقٌ ومُفِيْقَةٌ. وقيل: فَواق بالفتح: الإِفاقة والاستراحة كالجواب من أجاب. قاله مُؤرِّج السدوسيُّ والفراء. ومن المفسِّرين ابن زيد والسدِّي. وأمَّا المضمومُ فاسمٌ لا مصدرٌ. والمشهورُ أنهما بمعنىً واحدٍ كقَصاصِ [الشَّعْر] وقُصاصِه وحَمام المكُّوك وحُمامِه.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>