هذا البيت أنشِد لأبي عبيدة، وزعم التَوزي صاحَبُ أبي عبيْدَة أنَّه لا
يعرفه. وهو صحيح في المعنى.
وقوله جلَّ وعز: (وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (١٢٦)
يقال نقِمت أنقِم، ونقِمْتُ أنقَمُ، الأجود نَقَمتُ أنقِمُ والقراءَة مَا تَنْقِم
وهي أفصح اللغتين.
وقوله: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا).
أي، يشتمل علَيْنَا.
وقوله: (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (١٢٧)
ويُقْرأ (وإِلَاهَتَك) ويجوز (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ).
فَمن نَصَب " (وَيَذَرَكَ) ردَّه على جواب الاستفهام بالواو.
المعنى أيكون منك أن تذر موسى، وأن يذَرَك.
ومن قال (وَيَذَرُكَ) جَعَلَة مستأنفاً، يكون المعنى: أتذَرُ موسى وهو يذرك وآلهتك.
والأجود أن يكون معطوفاً على (أتذَرُ) فكون أتذَرُ موسى وأيَذَرُكَ موسى.
أي أتطْلِقُ هذا له.
وأمَّا من قرأ وآلهتك، فإِنَّ المعنى أن فِرعَون كانت له أصنام
يعبدها قومه تقرباً إليه.
* * *
وقوله: (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩)
" عسَى " طمعٌ وإِشفاق، إِلا أن ما يطمع اللَّه فيه فهو واجبٌ، وهو معنى
قول المفسرين: إن عَسَى من اللَّه واجبٌ.
وَمعنى: (فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)
أي يرى ذلك بوقوع منكم، لأن اللَّه جلَّ وعزَّ لا يجازيهم على ما يعلمه
منهم من خطيئاتهم التي يعلم أنهم عامِلوهَا لا محالة، إِنما يجازيهمْ على ما
وقع منهم.