يَنْزِلَ عليكم، ولا ينبغي أن يقرأ بهذا الوجه.
الثالث، إذ كان لم يقرأ به أحد من القراء المشتهرين.
وموضع (مِنْ خَيْرٍ) رفع. المعنى: ما يود الذين كفروا
والمشركون أن ينزل عليكم خير من ربكم، ولو كان هذا في الكلام لجاز ولا
المشركون، ولكن المصحف لا يخالف، والأجود ما ثبت في المصحف
أيضاً، ودخول من ههنا على جهة التوكيد والزيادة كما في " ما جَاءني من
أحد)، وما جاءَنى أحد.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
أي يختص بنُبوته من يشاءُ من أخبر - عزَّ وجلَّ - أنه مختار.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦)
في (نُنْسِهَا) غير وجه قد قرئ
به: أو نُنْسِهَا، وَنَنْسَهَا، وَنَنْسُؤها.
فأما النسخ في اللغة فإبطال شيء وإقامة آخر
مقامه، العرب تقول نسخت الشمسُ الظل، والمعنى أذهبت الظل وحلَّت
محلَّه، وقال أهل اللغة في معنى (أو نُنْسِهَا) قولين قال بعضهم، (أو ننسها)
من النسيان، وقالوا دليلنا على ذلك قوله عزَّ وجلَّ (سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى إلا مَا شَاءَ اللَّهُ) فقد أعلم اللَّه أنه يشاء أن يُنْسى، وهذا القول عندي ليس
بجائز، لأن اللَّه عزَّ وجلَّ: قد أنبأ النبي - صلى الله عليه وسلم -
في قوله (وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) إنَّه لا يشاء، أن يذهب بالذي أوحَى به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وفي قوله (فَلَا تَنْسَى إلا مَا شَاءَ اللَّهُ) قولان يُبْطلان هذا القول الذي حكينا عن بعض أهل اللغة: أحدهما (فلا تنسى) أي لست تترك إلا ما شاءَ اللَّه أن
تترك، ويجوز أن يكون إلا ما شاءَ الله مما يلحق بالبشرية، ثم تذكر بعد،