مَنْصُوبٌ على التَوْكِيدِ، لأن قوله: إِنَّما الصَّدَقَاتُ لهؤُلاءِ كقولك فَرَضَ
اللَّه الصدقَاتِ لهُؤلاءِ.
وقد بينَّا في أول الأنفالِ ما قيل في جميع الأموال، واسْتَقْصَيْنَاهُ.
ويجوز فرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ على ذلك ولا أعلمه قرئ به.
* * *
وقوله: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦١)
وتفسير الآية أن مِنَ المنَافِقينَ مَنْ كانَ يَعيبُ النبى - صلى الله عليه وسلم - وَيقُولُ: إِنْ بَلغَه عَنَي حَلَفْتُ له وَقَبِل مِنِّي لأنَّهُ أذُنٌ.
فأعلمَ اللَّهُ تعالى أنهُ (أذُنُ خَيْرٍ لكُمْ).
أي مُسْتَمِعُ خَيْرِ لَكُمْ، ثم بَين مِمَنَ يَقْبَلُ فقال:
(يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ).
أي هو أُذُن خَيْرٍ لا أُذُنُ شَر، يَسْمَعُ ما ينزله الله عليه، فيصَدِّق به.
ويُصدق المؤمنين فيما يُخْبِرُونَه بِه.
(وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ).
أي هو رحمةٌ، لأنه كان سَبَبَ المؤمنين في إِيمَانِهِمْ.
وَمَن قرأ أذنٌ خَيرٌ لَكُمْ، فالمعنى فإن من يَسْمَعُ منكم ويكون قريباً منكم قابلًا للعُذْرِ خيرٌ لكم.
ويروى في هذه الآية أن رَجُلًا مِنَ المُنَافِقِينَ قال: لو كان ما أتى به
محمد حقا فنَحن حَمِير، فقال له ابن امرأته إِنَّ مَا أتَى بِه لحق، وإِنَّكَ لَشَر من
دَابتِكَ هَذِهِ وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعض من حَضَرهُ نَعْتذِر إِليه ونحلف له فإِنه أُذُن.