وقوله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)
المعنى بل أيَقَولُونَ افْتَراهُ هذا تقرير لهم لإقامةِ الحجةِ عليهِمْ:
(قُلْ فَأتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ).
أي أتقولون النبى اختلقه وأتَى به من ذَاتِ نَفْسِه، فَأتُوا بسُورةٍ من مثله.
أي بسورة مثل سُوَرِةٍ منه، وإنما قيل مثله، يراد سُورةٌ منه لأنه إنما التمس من
هذا شبه الجنس.
(وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ).
ممن هو في التكذيب مثلكم، وإنْ خالفكم في أشياء.
(إنْ كُنْتُم صَادِقِينَ) في أنَّه اختلقه.
* * *
(بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩)
هذا - واللَّه أعلم - قيل في الذين كذبوا، وهم شَاكوُنَ (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ).
أي لم يكن معهم عِلْمُ تَأويله، وهذا دليلٌ أن علم التأويل ينبغي أن يُنْظَرَ
فِيه، ويجوز أن يكون: (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) لَمْ يأتِهمْ ما يؤول إليه أمرهم في
التكذيبِ به من العقوبة.
ودليل هذا القول: (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ).
(كيْفَ) فِي مَوْضِع نَصْبٍ على خبر كان، ولا يجوز أن يعمل فيها. . " انْظَر "
لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه.
* * *
وقوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠)
أي منهم من يعلم أنه حق فيصدِّق به، أو يعاند فيظهر الكفر،