قَرْنٍ هم أحسن أثاثاً منهم وأحسن زِياً منهم. ومن قرأ رِيُئاً فهو بمعنى رئياً مقلوب لأن من العرب من يقول قد رَاءَني زَيْد وتقول قَدْ رَآني.
في هذا المعنى قال الشاعر كثير:
وكل خليلِ رَاءني فهو قائل. . . من أجلك هذا هامة اليوم أوْ غَدِ
* * *
وقوله عزَّ. وجل: (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (٧٥)
هذا لفظ أمر في معنى الخبر، وتأويله أن اللَّه عزَّ وجلَّ جعل جزاء
ضلالته أن يتركه فيها، ويمده فيها، كما قال - جلَّ وعزَّ -:
(مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦).
إلا أن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر كان لفظ الأمر يريد به المتكلم نفسه إلزاماً، كأنَّه يقول أفعل ذلك وآمر نفسي به، فإذا قال القائل: من رآني فلأكرمه، فهو ألزم من قوله أكرمُه، كأنَّه قال: من زارني فأنا آمر نفسي بإكرامه وألزمها ذلك.
وقوله: (إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ).
العذاب والساعة منصوبان على البدل من (ما يُوعدُون) المعنى حتى إذا
رأوا العداب أو رأوا الساعة، فالعذاب ههنا ما وعدوا به من نصر المؤمنين
عليهم فإنهم يعذبونهم قتلاً وأسْراً.
والساعة يعنى بها يوم القيامة وبما وعدوا به فيها من الخلود في النار.
(فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا).
أي فسيعلمون بالنصر، والقتل أنهم أضعف جنداً من جند النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين ويعلمون بمكانهم من جهنم، ومكان المؤمنين من الجنة مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا.