للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإِن قال قائل فكيف يجوز أن يَأمُرَهُمْ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُقِيمُوا على الكفر فيقول لهم: (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ)، فإِنما معنى هذا الأمْرِ المبَالغة في الوَعِيدِ، لأن قوله لهم: (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).

قد أعلمهم أن من عمل بعملهم فَإلى النار مصيرُه، فقال لهم: اقيموا

على ما أنتم عليه إِن رضيتم العذاب بالنار.

* * *

(وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨)

والحامي الذي حَمَى ظهرَه أنْ يُرْكَبَ، (وَأنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ

عَلَيْهَا).

فأعلم الله عزَّ وجلَّ انَّ ذَلِكَ افتَرَاء، أي يفعلون ذلك افتراءً عليه، وهو

منصوب بقوله: (لَا يَذْكُرُونَ اسمَ اللَّهِ).

وهذا يسميه سيبويه مَفْعُول لَهُ.

وَحَقِيقَتُة أن قوله: (لَا يَذْكُرونَ) بمعنَى يَفْتَرُون، فكأنه قال يفترون افتراءً.

* * *

(وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩)

وكأنَّه إذَا جَعَلُوا لأصْنَامِهِمْ مما في بطون الأنعام شيئاً

جَعَلُوه مَا يَكُون ذَكَراً مَوْلُوداً حيا يَأكُله الذكْرَان خَاصةً.

ولا يجيزون أن يأكلَ النساءُ شيئاً.

فإن كان ذكراً ميتاً اشترك فيه الرجَالُ والنساء

وهو قوله عزَّ وجلَّ: (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَا).

ثم قال: (خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا).

فهو على ضربين: أجودهما أن يكون أنثَ الْخَبَرَ، وجعل معنى " ما "

التأنيث لأنها في معنى الجماعة، كأنَّهم قالوا جَمَاعَةً مَا فِي بُطُون هذه الأنعام

<<  <  ج: ص:  >  >>