وهذا الذي قال خطأ فاحش في مثل هذا المكان، لأن ذكر أهل الكتاب
قد جرى في هذه القصة بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللَّه، ويقتلون الأنبياءَ بغير
حق، فأعلمَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ أن منهم المؤْمنين الذين هم أمَّة قائمة، فما الحاجة
إلى أن يقال غير قائمة وإنما المبدوءُ به ههنا ما كان من فعل أكثرهم من الكفر
والمشاقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر من كان مبايناً هُؤلاءِ وذكر في التفسير أن هذا يعني به عبد اللَّه بن سلام وأصحابه:
* * *
(يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤)
ومعنى (ويأمرون بالمعروف) ههنا أي يأمرون باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -
(وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ): عن الِإقامة على مشاقته - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)
قرئت بالياءِ والتاءِ وكلاهما صواب - كما قال اللَّه عزَّ وجلَّ: (فمن يعمل
مثقال ذرة خيراً يره) - فالخطاب لسائر الخلق
ومن قال (فلن تُكْفَروه) فهو لهُؤلاءِ المذكورين وسائر الخلق داخل معهم في ذلك.
وموضع (يفعلوا) جزم بالشرط، وهو (ما) والجواب (فلن يكفروه).
* * *
قوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١٦)
أي لا تمنعهم أولادهم مما هو نازل بهم، لأنهم مالوا إلى الأموال في
معاندتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الرياسة إنما قامت لهم - أعني - رؤَساءَ إليهود - بمعاندتهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.