جعل هلكه بدلاً من قيس، المعنى فما كان هلكُ - قيس هلك واحد.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩)
يروى في التفسير أن الكفار قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - تخبرنا بأن الإنسان في النار حتى إذا صار مِنْ أهل مِلَّتك قلت إنه من أهل الجنة.
فأَعلم اللَّه عزَّ وجلَّ - أن حُكمَ من كفر أن يقال له: إنه من أهل النار، ومن آمن فهو - ما آمن وأقام على إيمانه وأدَّى ما افتُرض عليه - من أهل الجنة، أعلم أن المؤمنين وهم (الطيِّب) مُمَيزَّون من الخبيث أي مخلَّصُون.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ).
أي ما كان اللَّه ليعلمكم من " يصير منكم مؤمناً بعد كفره، لأن الغيب
إنما يطلع عليه الرسُل لإقَامة البُرهَان، لأنهم رسل وأن ما أتَوا بِه من عند اللَّه، وقد قيل في التفسير: ما با لُنا نحن لا نكون أنبياء، فأَعلم اللَّه أن ذلك إليه، وأنه يختار لرسالاته منْ يشاءُ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠)
هذا يعني به علماءَ إليهود الذين بخلوا بما آتاهم اللَّه مِنْ عِلْمِ نبوة
النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشاقته وعداوته
وقد قيل إنهم الذين يبخلون بالمال فيمنعون الزكاة.
قال أهل العربية: المعنى، لا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيراً لهم.
ودل (يبخلون) على البخل. و (هو) ههنا فصل، وهو الذي يسميه الكوفيون العماد، وقد فسرناه إلا أنا أغفلنا فيه شَيئاً نذكره ههنا: