مساجد اللَّه، و (أَظْلَمُ) رفع بخبر الابتداء، وموضع أن نصب على البدل من
مساجد اللَّه، المعنى: ومن أظلم ممن منع أن يذكر في مساجد اللَّه اسمه.
وقد قيل في شرح هذه الآية غير قول: جاءَ في التفسير أن هذا يعني به
الروم، لأنهم كانوا دخلوا بيت المقدس وخربوه، وقيل يعني به مشركو
مكة لأنهم سعوا في منع المسلمين من ذكر اللَّه في المسجد الحرام.
وقال بعض أهل اللغة غير هذا. زعم أنه يعني به جميع الكفار الذين تظاهروا
على الإسلام، ومنعوا جملة المساجد، لأن من قاتل المسلمين حتى منعهم
الصلاة فقد منع جميع المساجد وكل موضِع مُتَعَبَّدٍ فيه فهو مسجد، ألا
ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
" جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً "
فالمعنى على هذا المذهب: ومن أظلم ممن خالف ملة الإسلام.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ).
أعلم اللَّه في هذه الآية أن أمر المسلمين يظهر على جميع من خالفهم
حتى لا يمكن دخول مخالف إِلى مساجدهم إلا خائفاً، وهذا كقوله عزَّ وجلَّ: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
قوله: (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
يرتفع (خِزْيٌ) من وجهتين: إِحدَاهما الابتداءُ، والأخرى الفعل الذي