للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تأويله أنه نجع في النبات حتى خالطه، فَأخَذَ النبَاتُ زخرفة.

(فَأَصْبَحَ هَشِيمًا).

والهَشِيمُ النبات الجافَ الذي تسفيه الريح.

(تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ).

ويقرأ الريح، وفي تذروه لغتان لَا يُقْرأ بِهمَا: تُذْرِيه - بضم التاء وكسر

الراء، وتَذْرِيه بفتح التاء. أعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن الحَيَاةَ الدنيا زَائِلةٌ، ودَليل ذَلِك أنَّ مَا مَضَى منها بمنزلة ما لم يكن، وأعلم أن مثلها هذا المثل.

وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا).

أي على الإنشاء، والِإفناء، مقتدراً.

فإن قال قائل: " فالكلام كان اللَّه "، فتأويله أنَّ مَا شَاهَدْتَم من قدرته

ليس بحادث عنده، وأنه كذلك كان لم يزل.

هذا مذهب سيبويه، وقال الحسَنُ: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا)

أي كان مُقْتَدِرًا عليه قبل كونه.

وقال بَعْضُهُمْ: " كان " مِنَ اللَّه بمنزلة كائن ويكون.

وقولُ الحسنِ فِي هذَا حسنٌ جميل ومذهب سيبويه والخليل مذهب النحويين الحُذاقِ كما وَصَفْنَا، لأنهم يقولون: إنما خوطبت العربُ بلغتِها ونزل القرآن بما يَعْقِلُونه ويتخاطبون به، والعربُ لا تعرف كان في معنى يكون، إلا أن يدخل على الحرف آلةٌ تنقلها إلى معنى الاستقبال، وكذلك لا يعرف الماضي في معنى الحال.

فهذا شرح ما في القرآن من هذا الباب نحو قوله: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)، (وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)، وقد فسرناه قبل هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>