الموت أحرص الناس على حياة.
ومعنى (لَتَجِدَنَّهُمْ) لَتَعْلَمَنَّهَم.
وَمَعْنى (وَمِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا) أي وَلَتَجِدَنَهُمْ أحْرَصَ من الذين أشركوا، وهذا نهاية في التمثيل.
والذين أشركوا هم المجوس ومن لا يُؤمن بالبعث.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ).
ذكرت الألْفُ لأنها - نهايةُ ما كانت المجوس - تدْعُو به لمُلوكها - كان الملك
يُحَيَّا بأن يقال عش ألفَ نَيْبُروزٍ وَألْفَ مِهْرَجَانٍ.
يقول فهؤُلاءِ الذين يزعمون أن لهم الجنة، وأنَّ نعيم الجنة له الفضل
لاَ يتمنون - الموت وهم أحرص مِمَّن لا يُؤمن بالبعث، وكذلك يجب أن يكون هُؤلاءِ لأنهم كُفَّار بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عِنْدهُم حق، فيعلمون أنهم صائرون إِلى النارِ لا محالة، فهم أحْرصُ لهذه العلة، ولأنهم يعلمون أنهم لو تمنوا الموت لماتوا، لأنهم علموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حق لولا ذلك لما أمسكوا عن التمني، لأن التمني من واحد
منهم كان يثبت قولهم.
وإِنما بالغنا في شرح هذه الآيات لأنها نهاية في الاحتجاج في تثْبِيتِ أمْرِ
النبي - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ).
هذا كناية عن (أحدهم) الذي جرى ذكره، كأنه قال: وما أحدهم
بمزحزحه من العذاب تعميره، ويصلح أن تكون " هو " كناية عما جرى ذكره - من طول العمر، فيكون: وما تعميره بمزحزحه من العذاب، ثم جعل - أن يعمر مبنياً عن " هو " كأنَّه قال: ذلك الذي ليس بمزحزحه
(أن يعمر).