لا ينون، لأنه لا يَنصرِف لأن فيه ألفَ التأنيث، وألف التأنيث يبنى معها
الاسم ولم يلحق بعد الفراغ من الاسم فلذَلك لمْ تَنصَرِفْ (شهداءَ).
فإن قال قائل: فلم جعل الجمع بألف التأنيث قيل: كما جعل التأنيث في نحو
قولك جَريب وأجْربة، وغراب وأغربة وضارب وضَرَبَة، وكَاتِب وكَتبَة.
وتأويل (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى الناسِ) فيه قولان: جاءَ في التفسير أن أممَ
الأنبياءِ تكذب في الآخرة إذا سُئِلت عمن أرسل إليها فتجْحَدُ أنبياءَها، هذا
فَيمنَ جحد في الدنيا منهم فتشهد هذه الأمة بصدق الأنبياءِ، وتشهد عليهم
بتكذيبهم، ويشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الأمة بصدقهم وإنَّما جازت هذه الشهادة، وإن لم يكونوا ليعاينوا تلك الأمم لأخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا قول.
وقال قوم (لِتَكونُوا شهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي محتجين على سائر من خالفكم، ويكون الرسول محتجاً عليكم ومبيناً لكم.
والقول الأول: أشبه بالتفسير وأشبه بقوله: (وَسَطاً)
لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يحتج عَلَى المسلمين وغيرهم.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ).
يعني قِبْلَة بيتِ المقدِس، أي وإن كان اتباعها لكبيرة.
المعنى إنه كبير على غير المخلصين، فأما من أخلص فليست بكبيرة عليه، كما قال: (إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ) أي فليست بكبيرة عليهم.
وهذه اللام دخلت على " إِنْ " لأن اللام
إِذا لم تدخل مع إِنْ الخفيفة كان الكلام جُحْداً فلولا " اللام " كان المعنى
" ما كانت كبيرة " فإِذا جاءَت إِن واللام فمعناه التوكيد للقصة، واللام تدخل في