للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ).

هذه الآية صعبة في التفسير.

ومعناها - واللَّه أعلم - يحتمل ضَربَيْن:

أحَدُهُمَا أن يكون المعنى في قوله: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا) ابتدَعوا رهبانية كما

تقول: رأيت زيداً، وعمراً أكرمتُه، وتكون (مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيهِمْ) معناه لم نكتبها عليهم ألبتَّةَ، ويكون (إلا ابْتغَاءَ رضوان الله) بَدَلًا - من الهاء والألف، فيكون المعنى ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رِضْوَانِ اللَّه، وابتغاءُ رضوان اللَّه اتبَاعُ مَا أمَرَ بِه.

فَهذا - واللَّه أعلم - وجه.

وفيها وجه آخر في (ابْتَدَعُوهَا).

جاء في التفسير أنَّهُمْ كانوا يَرَوْنَ من مُلُوكهم ما لا يَصْبِرُونَ عليهِ فاتخذوا

أسراباً وصَوَامِعَ.

فابتدعوا ذلك، فلما ألزمرا أنْفُسَهُم ذلك التطوع ودَخَلُوا فيه

لزمهم [إِتمامه]، كما أن الِإنسان إذا جعل على نفسه صوماً لم يُفْتَرَض عليه لزمه أنْ يُتِمَّهُ.

وقوله عزَّ وجلَّ: (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا).

على ضربين - واللَّه أعلم -:

أحدهما أن يكونوا قصَّروا فيما ألزموه أنْفُسَهُم.

والآخر وهو أجود أن يكونوا حين بُعِثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يؤمنوا به كانوا تاركين لطاعة اللَّهِ، فما رعوا تلك الرهبانية حق رعايتها. ودليل ذلك قوله عزَّ وجلَّ: (فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ).

أي الذين آمنوا منهم بالنبي عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>