(وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ).
وقًرِئَتْ (عَرَفَ بعضَه) بتخفيف الراء.
وأعلم الله أن التحريم على هذا التفسير لا يحرم.
فقال لنبيه عليه السلام:
(لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ).
فلم يجعل الله لنبيه أن يُحَرِّمَ إلا ما حَرَّمَ اللَّه، فعلى هذين التفسيرين
ليس لأحد أن يحرِّم ما أحلَّ اللَّه، فقال اللَّه: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ).
يعني الكفَّارة، لأنه قد روىِ أنه مع ذلك التحريم حَلَفَ.
وقال قومٌ إن الكفَّارةَ كفَّارةُ التحريم.
فَأمَّا (عَرَّفَ بَعْضَهُ).
فتأويله أنه عرف بعضه حفصة، (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ)
جاء في التفسير أنه لما حرم مارية أخبر حفصة أنه يملك مِن بعده أبو بكر
وعمر، فعرفها بعضَ ما أفشت من الخبر، وأعرض عن بعض.
فإن النبى - صلى الله عليه وسلم - قد عرف كل ما كان أَسَره.
والِإعراض لا يكون إلا عما يعرف.
وتأويل هذا في اللغة حَسَن بَيِّنٌ.
معنى (عَرفَ بَعْضَه) جازى عليه، كما تقول لمن تتوعده: قَدْ عَلِمتُ مَا عَمِلْتَ وَقَد عَرَفْتُ ما صَنَعْتَ.
وتأويله فسأجازيك عليه، لا أنك تقصد إلى أنك قد علمت فقط.
ومثله قول الله عز وجل: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ).
فتأويله يعلمه اللَّه ويجازي عليه، فإن اللَّه يعلم كل ما يُفعَل.
ومثله قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ)
واللَّه يعلم ما في قلوب الخلق أجمعين.
ومثله قوله: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧).
ليس الفائدة أنه يرى ما عمل، إنما يرى جزاء مَا عَمِلَ.
فقيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم -طلَّق حفصة تطليقة واحدةً فكان ذلك جزاءها عنده.