(أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ).
المعنى أن الذين يأكلونه يعذبون به، فكأنهم إنما أكلوا النار وكذلك قوله
عزَّ وجلَّ: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)).
أي يُصَيرُهُمْ أكْلُهُ في الآخرة إلى مثل هذه الحالة.
و (الَّذِينَ) نصب ب (إِنَّ)، وخبر (إِنَّ) جملة الكلام وهي (أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ)، و (أُولَئِكَ) رفع بالابتداءِ وخبر (أُولَئِكَ) (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلاَ يُكَلمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ).
فيه غير قول: قال بعضهم معناه يغضب عليهم، كما تقول: فلان لا
يكلم فلاناً، تريد هو غضبان عليه.
وقال بعضهم معنى (لاَ يُكَلمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ) لا يرسل إليهم الملائكة بالتَحيةِ، وجائز إِن يكون: (لاَ يُكَلمُهُمْ اللَّهُ) لا يسمعهم الله كلامه، ويكون الأبرار وأهل المنزلة الذين رضي اللَّه عنهم يسمعون كلامه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا يُزَكِّيهِمْ).
أي لا يثنى عليهم، ومن لا يثني اللَّه عليه فهو معذب.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
معنى (أَلِيمٌ) مؤلم ومعنى مؤلم مبالِغٌ في الوجع.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥)
(فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)
وفيه غير وجه: قال بعضهم أيُّ شيءٍ أصْبرهُمْ على النار.
وقال بعضهم: فما أصبرهم على عمل يؤدي إِلى النار لأن هؤلاءِ كانوا علماءَ بأن من عاند النبي - صلى الله عليه وسلم - صار إلى النار.
كما تقول ما أصبرَ فلاناً على الجنس أي ما أبقاه منه.