ذلك لأنه أسلم في الجاهلية قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فمات موحداً فهذا أمة في وقته لانفراده، وبيت النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة. . . وهل يأثمن ذو أمَّةٍ وهو طائع
ويروى ذو أمَةَ، وذو إمة، ويحتمل ضربين من التفسير: ذو أمة: ذو دين
وذو أمة: ذو نعمة أسْدَيَتْ إليه، ومعنى الأمة القامة: سائر مقصد الجسد.
فليس يخرج شيء من هذا الباب عن معنى أممت أي قصدت، ويقال إِمامنا
هذا حَسنُ الأمة أي يقوم بإمامتهِ بنَا في صلاته ويحسن ذلك.
وقالوا في معنى الآية غيرَ قول: قالوا كان الناس فيما بين آدم ونوح
عليهما السلام - كُفاراً، فبعث الله النبيين يبشرون من أطاع بالجنة، وينذرون من عصي بالنار، وقال قوم: معنى كان الناس أمَّة واحدةً، كان كل من بعث إليه الأنبياءِ كفاراً:
(فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ)
ونصب (مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) على الحال، فالمعنى أن أمم الأنبياءِ الذين
بعث إليهم الأنبياءَ كانوا كفاراً - كما كانت هذه الأمة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ).
أي ليفصل بينهم بالحكمة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ).
أي ما اختلف في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الذين أعْطُوا علمَ حَقيقتِهِ.
وقوله: (بَغْيًا بَيْنَهُمْ) نصب (بَغْيًا) على معنى مفعول له، المعنى لم يوقعوا الاختلاف إلا