تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣)
والهاء حُذقت منْ الصلة لطول الاسَم، وهو مُوسى - صلى الله عليه وسلم - أسْمَعَه الله كلامه من غير وحي أتاه به عن اللَّه مَلَك.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ).
أي أعطيناه. والبيناتُ الحُجَجُ التي تَدُل على إثبات نُبُوته - صلى الله عليه وسلم - من إبراء الأكْمه والأبرص وإحياءِ المَوْتى والإنباءِ بما غاب عنه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَرَفعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ).
جاءَ في التفسير أنه يُعْنَى به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - أرْسِل إلى الناس كافة، وليس شيء من الآيات التي أعطيها الأنبياء إلا والذي أُعطى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - أكثر مُنْه، لأنه - صلى الله عليه وسلم -
كلمتْه الشجرةُ، وأطْعَمَ " من كفِّ التمر خلقاً كثيراً، وأمرَّ يدَه على شاة أم معبد فدرت، وحلبت بعد جفاف، ومنها انشقاق القمر، فإِن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الآيات في الأرض ورآها في السماءِ، والذي جاءَ في آيات النبي كثير.
فأما انشقاق القمر وصحته فقد روينا فيه أحاديث:
حدثني إسماعيل بن إسحاق قال: (حدثنا محمد بن المُنْهَال، قال حدثنا يزيد
ابن زُرَيْع عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: سأل أهل مكة النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - آيةً فأراهم انشقاقَ القَمَرِ فِرْقَتَيْن.
وحدثني مُسدّد يرْفعه إلى أنس أيضاً مثل ذلك.
ونحن نذكر جميع ما روى في هذا الباب في مكانه إِن شاءَ الله، ولكنا ذكرنا
ههنا جملة من الآيات لنُبين بها فضل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما أتى به من الآيات.
ومن أعظم الآيات القرآنُ الذي أتى به العرب وهم أعلم قوم بالكلام.
لهم الأشعار ولهم السجع والخَطَابةُ، وكل ذلك معروف في كلامها، فقيل لهم
ائتوا بعشْر سُورٍ فعجزوا عَنْ ذلك، وقيل لهم ائتوا بسورِة ولم يشترط عليهم فيها