والكسائِى قراوا: (فنَعِمَّا هي) - بفتح النون وكسر العين.
وذكر أبو عُبَيْدٍ أنَّه رُويَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله لابن العاص: نعْمَّا بالمال الصَّالح للرجل الصَّالِح.
فذكر أبو عبيدٍ أنه يَخْتَار هَذه القراءَة من أجل هذه
الروَاية.
ولا أحسب أصحابَ الحديث ضَبَطُوا هذَا، ولا هذه القراءَةَ عند
البصريين النحويين جائزة ألبتَّة، لأن فيها الجمعَ بينَ ساكنين من غير حرف مَا
ولين.
فأما مَا قَرأنَاه من حرف عاصم ورواية أبي عمرو (فنِعِمَّا هِي)، بكسر النون
والعين، فهذا جَيِّدٌ بَالغ لأن ههنا كسرَ العينِ والنونِ، وكذلك قراءَة أهلِ
الكوفة (نَعِمَّا هي) جَيدة لأن الأصل في نِعْمَ نَعِمَ ونعِمَ. ونعْمَ فيها ثلاث
لغاتٍ، ولا يجوز مع إدغام الميم نِعْمَّا هي. و " ما " في تأويل - الشيءِ زعم
البصريون أن نِعِمَّا هي: نعْمَ الشيءُ هِيَ. وقد فسرنا هذا فيما مضى.
ومعنى: (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ).
هذا كان على عهد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فكان الإخفاء في إِيتاءِ الزكاة أحْسَن، فأمَّا اليومَ فالناس يُسِيئون الظن، فإظهارُ الزكاة أحسنُ، فأمَّا التطوع فإخفاؤُه أحسن، لأنه أدل على أنه يريد اللَّهَ به وحده.
يقال أخفَيْتُ الشيءَ إخفاءً إذا سَتَرتُهُ، وخَفِي خَفَاءً إذا اسْتَتَر، وخفَيْتُه أخْفِيه خَفْياً إِذا أظْهَرْتُه، وأهل المدينة يسمون النبَّاشَ: المُخْتَفِي.
قال الشاعر في خفيته أظهرته: