فالمعنى إذا كان لبَعْضكم على بعْض ديْن إلى أجل مُسَمَّى فاَكتبوه فأمر
الله - عزَّ وجلَّ - بكَتْب الدين، حِفظاً مِنْه للأمْوال، وكذلك الإشهاد فيها
وللناسِ من الظلْمِ لأَن صاحب الدَّيْنِ إذا كانت عليه الشهُودُ والبَينَةُ قَلَّ
تحديثُه نفسَه بالطمَع في إذْهَابِهِا.
فأمر اللَّه - جلَّ وعزَّ - بالإشهاد والكِتَابِ.
قال بعض أهل اللغة هذا أدب من اللَّه عزَّ وجلَّ وليس بأمر حَتْم كما
قال عزَّ وجلَّ: (وإِذَا حَلَلْتُم فاصْطادوا) - فليس يجب كُلماِ يحل من
الإحرام أن يصطاد، وكما قال: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ).
وهذا خلاف ما أمَرَ اللَّه به في كتاب الدين والإشهاد لأن هذين جميعاًْ
إباحة بعد تحريم - قال الله عزَّ وجلَّ: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) وقال: (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ثم أباح لهم - إِذا زال
الإحرام - الصيدَ " وكذلك " قال: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)
فَأبَاحَ لَهُمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصًلاةِ الابتغاءَ منْ فضْلِهِ، والانتشارَ في الأرض لما أرادوا من بيع وغَيْره.
وليست آيةُ الدَّيْنِ كذلك، ولكن الذي رخص في ترك الإشهاد في قول قوم قوله: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ).
أيْ يكتَب بالحق، لا يكتب لصاحب الدين فضلًا على الذي عليه الدين
ولا يُنْقصُه مِنْ حقه - فهذا العدل.