فأما المقْدِس فسليمان بناه. وخبر (إِنَّ) هو (لَلَّذِي بِبَكَّةَ).
وهذه لام التوكيد، وقيل: إن بكة موضع البيت وسائر ما حوله مكة. والإجماع أن بكة ومكة الموضع الذي يحج الناس إِليه، وهي البلدة، قال اللَّه - عزَّ وجلَّ: ((بِبَطْنِ مَكةَ) وقال: (لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا).
فأما اشتقاقه في اللغة: فيصلح أن يكون الاسم اشتق من إلَبك، وهوبك
الناس بعضُهم بعضاً في الطواف أي دفع بعضهم بعضاً، وقيل: إنما سميت
ببكة لأنها تبك أعناق الجبابرة.
ونصب (مُبَارَكًا) على الحال.
المعنى: الذي بمكة في حال بركته.
(وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) يجوز أن يكون هُدًى لِلْعَالَمِينَ في موضع رفع.
المعنى: وهو هدى للعالمين.
فأماَ مكة - بالميم فتصلح أن يكون اشتقاقها كاشتقاق بكة والميم تبدل
من الباءِ، يقال: ضربة لازب ولازم، ويصلح أن يكون الاشتقاق من قولهم: " امْتَكَّ الفصيل " ما في ضرع الناقة إذا مص مصاً شديداً حتى لا يُبْقِي فيه
شيئاً. فتكون سميت بذلك لشدة الازدحام فيها -
والقول الأول أعني البدل أحسن.
ومعنى (أَوَّلَ) في اللغة - على الحقيقة ابتداءُ الشيءِ فجائز أن يكون
المبتدأ له آخر، وجائز أن لا يكون له آخر فالواحد أول العدد والعدد غير متناه، ونعيم الجنة أول وهو غير منقطع، وقولك: هذا أول مال كسبته جائز ألا يكون