الله في العدل في أمر النساء فلَوْ لَمْ يعْلَم عزَّ وجلََّّ أن رضَا المرأةِ مِنْ زوجِهَا
بالإقامة على منعها - في كئير من الأوقاتِ - نفَسَه ومَنعِها بعض ما يَحْتَاج إليه لما جاز الإمساك إلا على غاية العدل والمعروف، فجعل الله عزَّ وجلَّ الصلحَ جائزاً بين الرجلِ وامرأتِهِ إِذا رضِيت منه بإِيثار غيرها عليه.
فقال: " لا إثم عليهما في أن يتصالحا بينهما صلحاً.
والصلح خير من الفرقة ".
وقوله: (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ).
وهو أن المرأة تشح على مكانها من زوجها، والرجل يشح على المرة
بنفسه إن كان غيرها أحب إليه منها.
وقوله: (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا).
أي إن تحسنوا إليهن، وتحملوا عشرتهن.
(فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).
أي يخْبُرُ ذلك فيجازيكم عليه.
فإِن قال قائل إنما قِيلَ: (وإِن امرأة خافت)، ولم يُقَلْ وإِنْ نَشَزَ رجُلٌ على المرأة لأن الخائف للشيء ليس بمتيقنٍ له؟
فالجواب في هذا إِنْ خَافَتْ الإقامةَ منهُ على النشُوزِ والإعراضِ، وليس أن
تخاف الإقامة إِلا وقد بدا منه شيء، فأما التفرقة بين (إن) الجزاء والفعل
الماضي فجيد. ولكن " إن " وقعت التفرقة بين " إِنْ " والفعلِ المستقبلِ فذلك
قبيح.
إن قلتَ: إن امرأة تخاف - فهو قبيح، لأن " إِنْ " لا يفصل بينها وبين ما
يُجْزَمُ، وذلك في الشعر جائز في (إنْ) وغيرها.
قال عدي بن زيد.