قيل لهم إن كنتم مقرين بأنه خالقكم فاعبدوه، ولا تعبدوا الأصنام -
وقوله (لعلكم تَتقُونَ) معناه تتقونَ الحُرُمَاتِ بيْنَكم وتَكُفون عما تأتون مما
حرمَه اللَّه، فأما لعل وففيها قولان ههنا، عن بعض أهل اللغة: أحدهما:
معناها كي تتقوا، والذي يذهب إليه سيبويه في مثل هذا أنه تَرَج لهم كما قال
في قصة فرعون (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى).
كأنه قال اذهبا أنتما على رجائكما وطمَعِكُمَا واللَّه عزَّ وجلَّ من وراءِ ذلك وعالم بما يؤُول إِليه أمرُ فِرعون.
وأما إِعراب (يَا أيُّها) فأي اسمٌ مُبْهَم مبني على الضم لأنه منادى مفرد
والناس صفة لأي لازمة، تقول يا أيها الرجل أقبل، ولا يجوز يَا لرجُل لأن
" يا " تَنْبِيهٌ بمنْزِلة التَّعرِيفِ في الرجل فلا يجمع بين " يَا " وبين الألف واللام
فتصل إلى الألف واللام بأي.
وها لازمه لأي، لِلتَّنْبيه، وهي عوض من الِإضافة في أي لأن أصْل أي
أن تكون مضافة في الاستفهام والخبر، وزعم سيبويه عَن الخليل أن المنادى
المفرد مبني وصفته مرفوعةٌ رفعاً صحيحاً لأن النداءَ يطرد في كل اسم مفرد.
فلما كانت البِنْيَةُ مطردة في المفرد خاصة شبه بالمرفوع فرفعت صفته.
والمازني يجيز في يا أيها الرجل النصب في الرجل، ولم يقل بهذا القول أحد
من البصريين غيره، وهو قياس لأن موضع المفرد المنادى نصب فحملت
صفته على موضعه، وهذا في غير يا أيها الرجل جائز عند جميع النحويين نحو
قولك يا زيدُ الظريفُ والظريفَ، والنحويون لا يقولون إِلا يا أيها الرجل، يا أيها