معناه الآنَ يئِس الذين كفروا من دينكم، وهذا كما تقول أنا اليومَ قَدْ كَبرْتُ.
وهذا الشأن لا يصلح في اليوم. تريد أنا الآن، وفي هذا الزمان ومعناه: أن قد حَوَّل الله الخَوفَ الذي كاد يلحقكم منهم اليوم ويئِسُوا مِنْ بُطْلان الإِسْلَام
وجاءَكمْ مَا كُنتم توعدون من قوله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).
والدِّينُ اسم لجميع ما تعَبَّدَ اللَّه خلقَهُ، وأمرهم بالإِقامة عليْه، والذِي به يُجزون، والذي أمرهم أن يكون عادَتَهم.
وقد بينَّا ذلك في قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدينِ).
وقوله: (فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ).
أي فليكن خوفكم لِلًه وحده، فقد أمنْتُم أن يَظْهَرَ دين على الِإسلام
وكذلك - واللَّه أعلم -.
قوله: (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لكُمْ دينَكُمْ).
أي الآن أكملْت لكم الدين بأن كَفَيتكم خَوف عَدوكم وأظهرتكم
عليهم، كما تقول: الآن كَمُلَ لَنَا الملكُ وكملَ لَنَا ما نريد، بأن كفينا مَنْ كنا نَخافه.
وقد قيل أيضاً: (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لكُمْ دينَكُمْ) أي أكملت لكم فَرْض ما
تحتاجون إِليه في دينكم. وذلك جائز حسن، فأَما أن يكون دين الله في وقت من الأوقات غيرَ كامل فلا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ).
أي فمن دَعته الضرورة في مجاعة، لأن َ المخمصَةَ شدةُ ضمور
البطنِ.
(غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ).