(وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا)
أي عمداً لِقتلِه، كأنه ناسٍ إنَّه محرِم، ومتَعمِّد للقتل، وجائز أن يقصد
القتل وهو يعلم أنَّه محرم.
وقوله: (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ).
و (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ) برفع مثل وجرَها، فمن رفَعهُما جميعاً فرفعه على
معْنى فعليه جزاء مثل الذِي قَتلَ، فيكون " مِثْل " من نَعْتِ الجزاء، ويكون أن ترفع " جزاءَ " على الابتداءِ ويكون مثل قتَل خبر الابتداءِ، ويكون المعنى فجزاء ذلك الفعل مِثلُ ما قَتَلَ، ومن جرَّ أراد فعليه جزاءُ مِثل ذلك المقتول من النَّعمِ، والنعمً في اللغة هي الِإبل والبقر والغَنَمُ، وإِن انفَردت الِإبل منها قيل لها نَعم وإِن انفردت الغنمُ والبقرُ لم تسَمَّ نعَماً.
فكان عليه بحذاءِ حمار الوحش وبقرةِ الوحش بَدَنةً، وعليه بحذاءِ الظباءِ
من الغنم شاة.
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ).
أَي من أَهل ملتكم، فعلى قاتل الصيد أَن يسْألى فقيهيْنِ عَدْلَيْن عن جزاءِ
ما قَتَل، ويقولان له: أَقتلتَ صيْداً قبْل هَذَا وأنْتَ مُحرِم فإِن اعْترف بأنه قتل صيداً قبْل ذَلِك لم يَحْكُمَا عليه بشيء، لقول الله عزَّ وجلَّ:
(ومن عاد فيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ).
وإِن لم يعترف نَظَرا فيما قتل. فإِن كان كالِإبل حكماً عليه بها
(هَدْياَ بَالِغَ الكعْبةِ) وإِن كان كالشاءَ حكما عليه بمثل ذلك.
وإِن كانت القيمة لا تبلغ نظرا فقدرا قيمة ذلك، وأطعم بثمن ذلك المساكين، كل مِسكين - قال بعضهم - صاعاً من حِنطة، وقال بعضهم نصف صاع أَوْ صَامَ بعَدْلِ ذلك على ما توجِبُه السُّنَّةُ.
ويجوز أَن تكون " أَو " - وهو الَأجود في اللغة - للتخيير، فإن
شاءَ أَهدىَ وإن شاتَ قوَّما له الهدْيَ وأَطْعَم بدلَه على ما وصفنا.
وجعل مثل ذلك صياماً لَأن " أَو " للتخيير، وقال بعضهم كأَنَّهُ إِن لم يقدر على الِإبلِ والغَنمِ