للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقعت الصورة بعد ذلك، فهذا معنى (خلقناكم ثم صورناكم).

أي هذا أصل خلقكم. ثم خلق الله نطفاً ثم صُوِّرُوا. فثمَّ إِنما هي لما بعدُ.

* * *

وقوله جلَّ وعزَّ: (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ).

أي بعد الفراغ من خَلْق آدمَ أمِرَتِ الملائكَةَ بالسجود.

وقوله: (إِلَّا إِبْلِيسَ لمْ يَكنْ مِنَ السَّاجدِين).

استثناء ليس من الأول، ولكنه ممن أمِرَ بالسجود.

الدليل على ذلك قوله.

(مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ).

فدل بقوله: (إِذْ أَمَرْتُكَ) أنَّ إبْلِيسَ أمِرَ بالسجود مع الملائكة، ومعنى (مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) إلْغَاءُ " لا " وهي مَؤكدة، المعنى: ما منعك أن تسجد

فمسألته عن هذا واللَّه قد علم ما منعه، توبيخ له وَلْيُظْهِرَ أنه معاند، وأنه

ركب المعصية خلَافاً للَّهِ، وكل من خالف اللَّه في أمره فلم يَرَهُ وَاجِباً عليه

كافر بإجماع، لو ترك تارك صلاةً قال إنها لا تجب كان كافراً بإِجماع الأمة.

فأعلم اللَّه جل ثناؤُه أن معصية إبليس معصية معانَدَة وكفر، وقد أعلم الله أنه من الكافرين فقال: (إلا إبْلِيسَ أبَى واسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكَافِرِينَ).

فَالْفَصْلُ بين معصية إبليس ومعصيةِ آدمَ وحَوَّاءَ أنَّ إبليس عاند وأقام ولم

يتب، وأن آدم وحواءَ اعترفا بالذنب وقالا: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>