وقوله: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
جعل اللَّه عزَّ وجل القاصِدَ للحق بمنزلة الحيِّ، وجعل الضَالَّ بمنزلة
الهَالِك، ويجوز حَيِي بياءَين، وحَيَّ بياءٍ مشددَة مدْغَمة، وقد قرئ بهما
جميعاً. فأمَّا الخليل وسيبويه فيجيزان الِإدغام والِإظهار إِذا كانت الحركة في
الثاني لَازِمةً، فأمَّا من أدغَم فلاجتماع حرفين من جنس واحد.
وأمَّا من أظهر فلأن الحرف الثاني ينتقل عن لفظ الياءِ، تقول حَييَ يَحْيَا، والمحيا والممات.
فعلى هذا يجوز ُ الِإظهارُ. فأمَّا قوله عزَّ وجلَّ: (هُوَ يحْيي وُيميتُ)
وقوله: (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠).
فلا يجوز فيه عند جميع البصريين إلا يُحْيي بياءيْنِ ظاهرَتَيْنِ
وأجاز بعضهم. يُحيّ بياءَ واحدة مشددة مُدْغَمة.
وذكر أن بعضهم أنشد:
وكأنها بين النساءِ سبيكة. . . تمشي بسدة بَيْتِهَا فَتَعي
ولو كان هذا المنشد المستشهد أعلمنا من هذا الشاعر، ومن أي القبائل
هو وهل هو مِمَن يْؤخذ بشعره أم لا مَا كان يضره ذلك.
وليس ينبغي أن يُحْمل كتاب الله على " أنشدني بعضُهُمْ " ولا على بيْت شَاذ لو عرف قائله وكان مِمنْ يْؤخذ بقوله لم يجز.
وهذا عندنا لا يجوز في كلامٍ ولا شِعْرٍ، لأن الحرفَ الثانِيَ إِذَا كانَ