للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} فذلك ما فرضه على القلب من الإقرار والمعرفة والتصديق، وهو رأس الإيمان وهو عمله، وفرض على اللسان القول والتعبير عن القلب، وما عقد عليه وأقر به" (١).

الدليل الرابع: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: ٨٢]، وذكر الله ذلك في مواضع كثيرة من كتابه.

وذكر الإمام الآجري كلامًا متينًا معلّقًا على هذه الآيات الكثيرة التي جمعت بين الإيمان والعمل، فقال رحمه الله: "اعلموا -رحمنا الله وإياكم يا أهل القرآن، ويا أهل العلم، ويا أهل السنن والآثار، ويا معشر من فقههم الله تعالى في الدين بعلم الحلال والحرام- أنكم إن تدبرتم القرآن كما أمركم الله تعالى؛ علمتم أن الله تعالى أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله العمل، وأنه تعالى لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم، وأنهم قد رضوا عنه، وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار، إلا الإيمان والعمل الصالح، وقرن مع الإيمان العمل الصالح، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده حتى ضم إليه العمل الصالح الذي قد وفقهم له، فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى يكون مصدقًا بقلبه، وناطقًا بلسانه، وعاملًا بجوارحه.

لا يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه، وجده كما ذكرت، واعلموا -رحمنا الله تعالى وإياكم- أني قد تصفَّحت القرآن، فوجدت فيه ما ذكرته في ستة وخمسين موضعًا من كتاب الله -عز وجل- (٢)، أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده، بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم، وبما وفَّقهم له من الإيمان به والعمل الصالح" (٣).


(١) الإبانة الكبرى لابن بطة (٢/ ٧٦٦) ت: رضا معطي، وعثمان الأثيوبي، ويوسف الوابل، والوليد بن سيف النصر، وحمد التويجري، دار الراية للنشر والتوزيع، الرياض.
(٢) وقد سردها رحمه الله في كتابه الشريعة (٢/ ٦٢١ - ٦٣١).
(٣) الشريعة للآجري (٢/ ٦١٨).

<<  <   >  >>