للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول: الآثار المترتبة على إهمال الداعية لأعمال القلوب على نفسه]

[توطئة]

إذا أهمل الداعية تحقيق أعمال القلوب، ولم يجاهد نفسه على إصلاح قلبه، ولم يحاسب نفسه، ويتفقد ما فيها من آفات، ويسعى إلى بذل أسباب علاجها، فحينئذ تتمكن من قلبه الأمراض، وتتجذر الآفات في داخله، وتظهر عليه آثارها عليه في نفسه، ومن ثَّم يمتد أثرها إلى دعوته، فيصبح فتنة لكل مفتون، وداعية سوء يجر على أمته ألوانًا من الانحراف، ويسخره أعداء الإسلام لحرب الدين وأهله، ويمكنهم من امتطاء ظهره وهو لا يشعر، فيكون كما قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: ٥].

وكما قال تعالى أيضًا: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: ١٧٥، ١٧٦].

وقال تعالى في بيان أثر الوقوع في أمراض القلوب على من تلبس بذلك: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف: ٥].

<<  <   >  >>