للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأوليائه بأنهم أصحاب بأس وشدة (١)، قال ابن القيم رحمه الله: "المعنى عند جميع المفسرين: يخوفكم بأوليائه، قال قتادة: يعظمهم في صدوركم (٢)، ولهذا قال: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فكلما قوى إيمان العبد زال من قلبه خوف أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمان العبد قوى خوفه منهم" (٣)، فإذا تسلط الشيطان على الداعية، وقع مفعول هذا التخويف في قلبه، فضعفت همته، وربما أدى به تخويف الشيطان من أوليائه إلى التولي والانزواء عن ميدان الدعوة، والركض في ميادين الدنيا والانشغال بها.

من أسباب تسلط الشيطان:

١ - عدم الاعتصام بالكتاب والسنة، مما يؤدي بالعبد إلى الوقوع في سبل الشيطان، فيتسلط عليه، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٢/ ١٧٣).
(٢) لم أجده عن قتادة عند غير ابن القيم.
وقد ورد في تفسير البغوي قريب من هذا؛ لكن نقله عن السدي فقال رحمه الله في تفسيره (٢/ ١٣٩): " {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أي: يخوفكم بأوليائه، وكذلك هو في قراءة أبي بن كعب يعني: يخوف المؤمنين بالكافرين قال السدي: يعظم أولياءه في صدورهم ليخافوهم، يدل عليه قراءة عبد الله بن مسعود: (يخوفكم أولياءه) ".
ونقل ابن أبي حاتم (٣/ ٨٢٠) في تفسيره: "عن أبي مالك قوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران: ١٧٥] قال: يعظّم أولياءه في أعينكم".
(٣) إغاثة اللهفان (١/ ١١٠)، وقول الإمام ابن القيم رحمه الله أن جميع المفسرين على هذا القول فيه نظر والله أعلم؛ لأن هناك قولًا ثانيًا في تفسير الآية قال به أيضًا الحسن والسدي، كما نقله عنهما القرطبي في تفسيره (٤/ ٢٨٢): "والمعنى يخوف أولياءه المنافقين، ليقعدوا عن قتال المشركين، فأما أولياء الله فإنهم لا يخافونه إذا خوفهم".
وقال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان (٦/ ٣٦٤): "والأظهر أن قوله: {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} حذف فيه المفعول الأول، أي: يخوفكم أولياءه، بدليل قوله بعده: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} الآية".

<<  <   >  >>