للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثامن: طمأنينة القلب وقوته]

ومن آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية طمأنينة قلبه وقوته، فلا تهزه عواصف الفتن، ولا تميل به رياح الشهوات، ولا يرجف به المرجفون، بل هو ثابت كالطود الأشم (١)، مطمئن القلب بما هو عليه من الحق، قوي شجاع لا يتزحزح عن مبادئه، يواجه الباطل بقوة الحق التي لا يقف أمامها الباطل بل يزهق، ويذهب مهزومًا حقيرًا مدحورًا، قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: ١٨].

إن الباطل لا يستطيع أن يصمد أمام أهل الحق الذين اطمأنت قلوبهم بما معهم من الحق، وكانت قلوبهم قوية متعلقة بالله تعالى، فهي لا تضعف ولا يدب إليها الوهن مهما كانت قوة الباطل وصلفه.

قال تعالى عن المؤمنين الذين امتلأت قلوبهم طمأنينة بما معهم من الحق وثقة في الله وقوة به: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٣ - ١٧٥].

وهكذا القلوب إذا اتصلت بالله وصدقت معه، فإن الله يثبتها على الحق،


(١) الجبل العظيم المرتفع القمة.
ينظر: الصحاح (٥/ ١٩٦٢) مادة (شمم)، مقاييس اللغة (٣/ ٤٣٠) مادة (طود).

<<  <   >  >>