للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول شيخ الإسلام رحمه الله: "وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له (١) لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة والأعمال الظاهرة، فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه ودليله ومعلوله" (٢).

٢ - ارتباط التقوى بعمل القلب، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ …

وذكر النووي (٣) في شرحه للحديث أن التقوى إنما تحصل بما في القلب من الأعمال، فيقول رحمه الله: "إن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى، وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته" (٤).

٣ - ومما يدل على خطر أثر عمل القلب عليه أنه يتقلب كثيرًا بسبب الفتن؛ ولذا لا بد من سؤال الله تعالى ثبات القلب على الدين، وأن يكثر من هذا الدعاء في ليله ونهاره، كما كان يفعل -صلى الله عليه وسلم-، فعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-


(١) الضمير يعود إلى الله تعالى.
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٤١).
(٣) الإمام الحافظ محيي الدين يحيى بن شرف، أبو زكريا النووي، ذو التصانيف النافعة. ولد بقرية نوى من أعمال دمشق بالشام، حفظ القرآن وقد ناهز الاحتلام، ومن مؤلفاته رحمه الله: شرح صحيح مسلم، ورياض الصالحين، والمجموع شرح المهذب، والأذكار، وروضة الطالبين وغيرها، وقد كتب الله لمؤلفاته القبول، ونفع بها نفعًا عظيمًا. وأول النووي رحمه الله بعض الصفات لا سيما الفعلية منها، وفوض معناها، ونسب هذا القول إلى جمهور السلف، وخاصة في شرحه على صحيح مسلم؛ لذلك قال الذهبي: إن مذهبه في الصفات السمعية السكوت، وإمراراها كما جاءت، وربما تأول قليلًا في شرح مسلم. وقال السخاوي: وصرح اليافعي والتاج السبكي رحمهما الله أنه أشعري. وتوفي رحمه الله سنة (٦٧٦ هـ).
ينظر: تاريخ الإسلام (١٥/ ٣٢٤) للذهبي، ت: د. بشير عواد، دار الغرب الإسلامي، ط ١، ٢٠٠٣ م، الأعلام (٨/ ١٤٩)، موسوعة مواقف السلف (٧/ ٤٠٣). والصحيح أن الإمام النووي ليس من الأشاعرة لأنه لا يوافقهم في كل أصولهم.
(٤) شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٢١).

<<  <   >  >>