لا ريبَ أن الدعوةَ إلى الله تعالى هي وظيفةُ الرسل عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: ٢٥].
وكانت المهمة العظيمة للرسل عليهم الصلاة والسلام الدعوة إلى توحيد الله، وتحذير الناس من عبادة غير الله، كما قال تعالى عن جميع الرسل:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦]، وقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٢٥].
وختم الله هذه الرسالات برسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافة، فقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ: ٢٨]، فجاء -صلى الله عليه وسلم- بأعظم الرسالات وأتمها وأكملها، فقال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣].
فبلَّغ -صلى الله عليه وسلم- الرسالةَ، وأدى الأمانة، ودعا إلى الله ليلًا ونهارًا، حتى أظهره الله على الدين كله، ثم قامت أمته بمهمة الدعوة إلى هذا الدين، حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وقال تبارك وتعالى عنهم:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران: ١١٠](١).
(١) ينظر: منهج ابن الجوزي في الدعوة (١٢١ - ١٢٢) للدكتور عبد الرحيم المغذوي، من مطبوعات الجامعة الإسلامية ط ١، ١٤٣١ هـ.