للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن من حقق الإيمان والتقوى ظاهرًا وباطنًا، أحبه الله وأقبل بقلوب الناس إليه، وفتح له نور البصيرة وجعل كلماته تصل إلى القلوب، وتأثر فيها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ» (١).

وقد بين الله في كتابه أثر الإيمان والتقوى في حصول البصيرة، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحديد: ٢٨].

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩].

وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: ٤].

وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢].

وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٩٤].

كل هذه الآيات تدل على أثر الإيمان والتقوى على العبد، ومن آثارهما أن يؤتيه الله البصيرة، ويوفقه لها.

[٣ - ومن أسباب البصيرة كثرة التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض]

لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله قال: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي


(١) أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الأدب، باب المقة من الله تعالى (٨/ ١٤) ح (٦٠٤٠)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب إذا أحب الله عبدًا حببه لعباده (٤/ ٢٠٣٠) ح (٢٦٣٧).

<<  <   >  >>