من صدق مع الله وحقق أعمال القلب، وصلحت سريرته، وآمن حق الإيمان، فإن الله يوفقه لحسن الخاتمة، فيثبته عند الموت لينطق بكلمة التوحيد، ويثبته عند سؤال الملكين، كما قال تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم: ٢٧].
قال البغوي رحمه الله:" {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} كلمة التوحيد، وهي قول: لا إله إلا الله، {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يعني قبل الموت، {وَفِي الْآخِرَةِ} يعني في القبر. هذا قول أكثر أهل التفسير.
وقيل:{فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} عند السؤال في القبر، {وَفِي الْآخِرَةِ} عند البعث.
والأول أصح" (١).
أي: يثبت الله عبده المؤمن الذي حقق إيمانه باطنًا وظاهرًا؛ ليقول كلمة التوحيد عند موته، ويثبته الله في قبره؛ لينطق الإجابة الصحيحة على أسئلة الملائكة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن الرجل الذي بعث فيكم؟ فيثبته الله بالقول الثابت، كما في حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:«اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ