للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .. الحديث، ولم يمتثلوا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ».

ولما حصل ذلك منهم سلط الله عليهم الاختلاف والتفرق، وذهاب الهيبة منهم من قلوب الأعداء، فتسلط عليهم عدوهم، وسعى في إبعادهم عن الدعوة بكل ما يستطيع، وسيأتي مزيد تفصيل لهذا الموضوع (١).

٤ - وقوع الهلاك الذي حذر منه النبي أمته، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا»، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

٥ - أدى الاختلاف والتنازع إلى انصراف طلاب العلم عنه، وانشغالهم بالرد على بعضهم، فحصل الجهل، وفهم الدين على حسب الأهواء، وليس على منهج الأنبياء، ومنهم من أقبل على العبادة بجهل، وترك طلب العلم ومجالسة العلماء، فدب إليهم داء الافتراق والتنازع، فهلكوا ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى سفك الدماء، كما قال ابن سيرين رحمه الله: "إن قومًا تركوا طلب العلم ومجالسة العلماء، وأخذوا في الصلاة والصيام حتى يبس جلد أحدهم على عظمه، ثم خالفوا السنة، فهلكوا وسفكوا دماء المسلمين، فوالذي لا إله غيره، ما عمل أحد عملًا على جهل إلا كان يفسد أكثر مما يصلح" (٢).


(١) ينظر: ص (٧٢١، ٧٢٣).
(٢) الاستذكار (٨/ ٦١٦).

<<  <   >  >>