للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: التفرق والاختلاف والتنازع وذهاب الريح (١)

وقد سبق الكلام على هذه الآفات (٢) التي يقع فيها من ابتلي بفساد النيات والمقاصد، والحسد، والبغض لإخوانه.

وهذه الآفات طالما جرت إلى فساد ذات البين التي قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يحذر أمته بأنها الحالقة، فيقول: «وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ (٣) هِيَ الْحَالِقَةُ» الحديث (٤)، وفسرها في الحديث الآخر بأنها تحلق الدين (٥).

وهذه الآفات كم جرت على الأمة من رزايا وبلاء، ترتب عليه انصراف الناس عن دعوة هؤلاء الدعاة؛ لما يرون بينهم من التنازع والتهارش (٦) وهم يزعمون أنهم


(١) أي ذهاب القوة والهيبة من قلوب الأعداء، فيغلبونكم. ينظر: الصحاح (١/ ٣٦٨) مادة (روح)، مقاييس اللغة (٢/ ٤٦٤) مادة (ريح).
(٢) ينظر: ص (٥٧٩).
(٣) أي: الاختلاف والتنازع والشحناء والبغضاء.
(٤) أخرجه أحمد (٤٥/ ٥٠٠) ح (٢٧٥٠٨)، وأبو داود في كتاب الأدب، باب في إصلاح ذات البين (٤/ ٢٨٠) ح (٤٩١٩)، والترمذي في أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب .. (٤/ ٦٦٣) ح (٢٥٠٩) وقال: "حسن صحيح"، وابن حبان في صحيحه باب الصلح، ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم إصلاح ذات البين بين المسلمين (١١/ ٤٨٩) ح (٥٠٩٢)، وصححه الألباني صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ٧٠) ح (٢٨١٤)، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد (٤٥/ ٥٠٠) ح (٢٧٥٠٨).
(٥) سيأتي ص (٧٢٣)، ومعنى الحالقة أي: تهلك وتستأصل الدين، كما يستأصل موس الحلاقة الشعر.
ينظر: النهاية (١/ ٤٢٨) مادة (حلق)، ويعني ذلك: لا تبقي شيئًا من الحسنات. ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ (٤/ ٤٠٤)، ت: طه عبد الرءوف سعد، مكتبة الثقافة القاهرة، ط ١، ١٤٢٤ هـ.
(٦) قال في مقاييس اللغة (٦/ ٤٦) عند مادة (هرش): "الهاء والراء والشين: كلمة واحدة، هي مهارشة الكلاب: تحريش بعضها على بعض. ومنه يقاس التهريش، وهو الإفساد بين الناس".

<<  <   >  >>