للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله ناصره وظهيره وراض بفعله، كقول القائل: افعل -يا فلان- كذا وأنا معك، يعني: إني ناصرك على فعلك ذلك ومعينك عليه" (١).

وقال الشوكاني رحمه الله: "وإن هذه المعية التي أوضحها الله بقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: ١٥٣] فيها أعظم ترغيب لعباده سبحانه إلى لزوم الصبر على ما ينوب من الخطوب، فمن كان الله معه لم يخش من الأهوال وإن كانت كالجبال" (٢).

٢ - التقوى: هي من أسباب معية الله الخاصة، ومتى ما حقق الداعية إلى الله تعالى التقوى في قلبه، وظهر أثرها على جوارحه، نال معية الله الخاصة، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٩٤].

وفي الآية أمر بتقوى الله، وإخبار بأن الله مع المتقين بالنصر والتأييد، والحفظ والرعاية، والعناية بهم في الدنيا والآخرة (٣).

وحينما يحقق الداعية الصبر على ما يلقاه في ذات الله، وعلى ما يلقاه من أعباء ومشقات في طريق دعوته، ويحقق التقوى قولًا وعملًا، فإنه يسعد في نفسه بهذه المعية الخاصة من ربه -سبحانه وتعالى- التي تشعره بقرب ربه منه، وأن ما يواجهه في سبيل الدعوة إلى الله لا يعوقه عن الاجتهاد فيها، وأن الباطل الذي يقف في طريق دعوته، مهما كانت قوته وشدة مكره، فإن الله سيزهقه، ويذهب قوته، ويفسد مكره، قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: ١٨]، وقال تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: ١٢٠]، وقال تعالى عن مكر أعداء الدعوة أن الله سيبطله: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ


(١) تفسير الطبري (٢/ ٦٩٨).
(٢) فتح القدير (١/ ١٨٤).
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير (١/ ٥٢٨)، وتفسير السعدي (٨٩).

<<  <   >  >>