للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حل" (١).

[المطلب الخامس: أثر عمل القلب على نظرته التفاؤلية للمستقبل، وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين]

إن للمؤمن فراسة تزيد بقدر إيمانه وصفاء قلبه وسلامته من الآفات، وتكون له عونًا بعد الله في تفاؤله وثباته، ونظرته الصائبة للأمور، ويروى عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ المؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: ٧٥] (٢).

والنظرة التفاؤلية واستشراف المستقبل مع الثقة بنصر الله من أعظم ما يعين على الثبات، ولهذا شواهد من السيرة، منها ما حصل في وقت من أصعب الأوقات التي مرت على المسلمين في يوم الأحزاب الذي قال الله عنه في بيان الحال التي وصلوا إليها: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: ١٠]، في لحظةٍ اشتد فيها الخوف والجوع والبرد، لكنه -صلى الله عليه وسلم- ينظرُ نظَرَ المتفائل بنصر الله الواثق بربِّه، وإن كانت الأسباب المادية في نظر أهل النفاق وأصحاب القلوب المريضة لا ترى شيئًا يلوح في الأفق القريب، وقد عبر القرآن الكريم بقوله عنهم: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي


(١) البداية والنهاية (١٨/ ٩٤ - ٩٥).
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب في أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الحجر (٥/ ٢٩٨) ح (٣١٢٧)، وقال: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه، وقد روي عن بعض أهل العلم في تفسير هذه الآية: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: ٧٥] قَالَ: للمتفرسين، والحديث ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٤/ ٢٩٩) ح (١٨٢١) دار المعارف، الرياض الممكلة العربية السعودية، ط ١، ١٤١٢ هـ، وفي ضعيف الجامع الصغير (٢٠) ح (١٢٧) طبعة المكتب الإسلامي أشرف على طبعه: زهير الشاويش.

<<  <   >  >>