للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: من نصوص السنة في إثبات أثر عمل القلب]

وقد ورد في السنة ما يبين تأثر عمل القلب بما يعمل صاحبه، وإثبات أثره عليه، ومن ذلك:

١ - أثر عمل القلب على صلاح الجسد أو فساده، ويدل عليه ما رواه النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: «أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ».

وفي الحديث إشارة -كما يقول ابن رجب (١) رحمه الله-: "إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه المحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإذا كان قلبه سليمًا، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقٍ للشبهات حذرًا من الوقوع في المحرمات.

وإن كان القلب فاسدًا، قد استولى عليه اتباع هواه، وطلب ما يحبه، ولو كرهه الله، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب" (٢).


(١) الإمام العلامة الزاهد القدوة الحافظ العمدة الثقة الحجة، واعظ المسلمين مفيد المحدثين، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي، صنف التصانيف المفيدة منها: شرح البخاري بلغ فيه إلى كتاب الجنائز، وله شرح على الترمذي، وذيل على كتاب طبقات الحنابلة، وغير ذلك، ومات عليه رحمة الله سنة (٧٩٥ هـ).
ينظر: الرد الوافر (١٠٦) لابن ناصر الدين، ت: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي بيروت، ط ١، ١٣٩٣ هـ، الدرر الكامنة (٣/ ١٠٨)، البدر الطالع (١/ ٣٢٨).
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٢١٠) لابن رجب الحنبلي، ت: شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة بيروت، ط ٧، ١٤٢٢ هـ.

<<  <   >  >>