للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْآخِرَةِ}، فأهل الإيمان أهدى الناس قلوبًا، وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات، وذلك لما معهم من الإيمان" (١).

فيكون هذا الثبات في عدة أمور، يتم الحديث عنها وفق المطالب الآتية:

[المطلب الأول: يثبته الله أمام الابتلاء والفتن التي تواجهه في حياته، وفي دعوته.]

المطلب الثاني: يثبته الله على المنهج الحق في دعوته إلى الله تعالى، ويحميه من الانحراف عنه.

المطلب الثالث: يثبته الله عند الموت وفي القبر.

المطلب الأول: يثبته الله أمام الابتلاء والفتن التي تواجهه في حياته، وفي دعوته:

قال تعالى في بيان أن الفتنة لكل مؤمن أمر لا بد منه، والدعاة منهم: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: ٢، ٣].

ولكن قد يصيب الدعاة إلى الله من الفتنة والبلاء أكثر من غيرهم، بحسب صلابة دينهم، ولكونهم ورثة الأنبياء في هذا العمل العظيم، عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا، اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ، ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ» (٢).


(١) تفسير السعدي (٨٦٧).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٧٨) ح (١٤٨١)، والترمذي في أبواب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء (٤/ ٦٠١) ح (٢٣٩٨) وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه واللفظ له في كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء (٢/ ١٣٣٤) ح (٤٠٢٣)، وابن حبان في صحيحه في كتاب الجنائز، ذكر الإخبار عما يجب على المرء من توطين النفس على تحمل ما يستقبلها من المحن والمصائب (٧/ ١٦١) ح (٢٩٠١)، والحاكم في المستدرك في كتاب الإيمان (١/ ٩٩) ح (١٢٠) وصححه وأقره الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ٣٢٩) ح (٣٤٠٢)، وصححه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه (٥/ ١٥٢) ح (٤٠٢٣).

<<  <   >  >>