حصل منه من زيغ وانحراف، وما ظلمه الله، ولكنه ظلم نفسه، فلا يلم إلا نفسه الأمّارة بالسوء (١) ....
وعلى هذا فلا بد للداعية من الإكثار من هذا الدعاء:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}، وما يماثله من أدعية طلب الثبات على الحق، كما في حديث أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟! قَالَ:«نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ»، فإن القلوب لا يثبتها على الدين إلا الله تعالى.
ثانياً: فتنة الشهوات:
وأما فتنة الشهوات فتكمن خطورتها في أنها مزينة تميل إليها القلوب، وتقبل عليها، وتنشغل بها عن الدعوة من مثل فتنة المال والنساء، قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}[آل عمران: ١٤]، وكم سقط من دعاة صرعى أمام هذه الشهوات المزينة، فاجتالتهم الدنيا بزخارفها وزينتها، وتسلط عليهم الشيطان، فأبعدهم عن ركب الدعوة، وقعدت بهم شهواتهم، وتنكبوا الطريق الحق، وفتنوا بالدنيا، وقد وصف الله حال من صرعته الدنيا، فترك الانتفاع بآيات الكتاب، ومال إلى الشهوات، وأخلد إلى الأرض وزينتها، فخسر خسرانًا مبينًا، فقال تعالى عنه وعمّن يشبهه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ